الأوقات التي يكره فيها صلاة التطوع ويجوز فيها الفريضة والقضاء والجنازة وغيرها
قال الشافعي ، رضي الله عنه : " أخبرنا مالك ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وعن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إلا بمكة إلا بمكة إلا بمكة وعن الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها ، فإذا استوت قارنها ، فإذا زالت فارقها ، فإذا دنت للغروب قارنها ، فإذا غربت فارقها ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات . وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة ، وعن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت أو صلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار ( قال الشافعي ) : وبهذا أقول والنهي عن الصلاة في هذه الأوقات عن التطوع إلا يوم الجمعة للتهجير حتى يخرج الإمام ، فأما صلاة فرض ، أو جنازة ، أو مأمور بها موكدة ، وإن لم تكن فرضا أو كان يصليها فأغفلها فتصلى في هذه الأوقات بالدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : من نسي صلاة ، أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها وبأنه عليه السلام رأى قيسا يصلي بعد الصبح فقال : ما هاتان الركعتان ؟ قال ركعتا الفجر فلم ينكره وبأنه عليه السلام صلى ركعتين بعد العصر فسألته عنهما أم سلمة فقال : " فما ركعتان كنت أصليهما فشغلني عنهما الوفد وثبت عنه عليه السلام أنه قال : أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل فأحب فضل الدوام ، وصلى الناس على جنائزهم بعد العصر وبعد الصبح فلا يجوز أن يكون نهيه عن الصلاة في الساعات التي نهى فيها عنها إلا على ما وصفت ، والنهي فيما سوى ذلك ثابت إلا بمكة ، وليس من هذه الأحاديت شيء مختلف . ( قال المزني ) : قلت أنا هذا خلاف قوله فيمن نسي ركعتي الفجر حتى صلى الظهر ، والوتر حتى صلى الصبح أنه لا يعيد والذي قبل هذا أولى بقوله وأشبه عندي بأصله "
قال الماوردي : وهذا كما قال .
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصلاة في خمسة أوقات ، منها : وقتان نهى عن [ ص: 272 ] الصلاة فيهما لأجل فعل الصلاة لا للوقت ، وثلاثة أوقات نهى عن الصلاة فيها لأجل الوقت لا لفعل الصلاة .
فأما الوقتان اللذان نهى عن الصلاة فيهما لأجل فعل الصلاة لا للوقت ، فهما بعد فعل صلاة العصر ، وبعد فعل صلاة الصبح ، وذلك أن وقت العصر إذا دخل فالتنفل فيه جائز ما لم يصل العصر فإذا صلى العصر منع من التنفل بعدها .
والدلالة على النهي عن الصلاة في هذين الوقتين رواية ، بالإسناد المقدم ذكره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصلاة في خمسة أوقات ، منها : وقتان نهى عن [ ص: 272 ] الصلاة فيهما لأجل فعل الصلاة لا للوقت ، وثلاثة أوقات نهى عن الصلاة فيها لأجل الوقت لا لفعل الصلاة .
فأما الوقتان اللذان نهى عن الصلاة فيهما لأجل فعل الصلاة لا للوقت ، فهما بعد فعل صلاة العصر ، وبعد فعل صلاة الصبح ، وذلك أن وقت العصر إذا دخل فالتنفل فيه جائز ما لم يصل العصر فإذا صلى العصر منع من التنفل بعدها .
والدلالة على النهي عن الصلاة في هذين الوقتين رواية ، بالإسناد المقدم ذكره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس
وروى الزهري ، عن عطاء بن يزيد الجندعي ، عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس .
والدلالة على النهي في هذين الوقتين لأجل فعل الصلاة لا لأجل الوقت : أن رجلين لو صلى أحدهما العصر ، ولم يصل الآخر أنه يجوز لمن لم يصل أن يتنفل ، ولا يجوز لمن صلى أن يتنفل ، فعلم أن النهي للفعل لا للوقت : لأن الوقت موجود فيمن لم يصل العصر وهو غير ممنوع من التنفل .
وأما الأوقات الثلاثة التي نهى عن الصلاة فيها لأجل الوقت ، فهي من حين تطلع الشمس إلى أن ترفع وتنبسط ، وإذا استوت للزوال إلى أن تزول ، وإذا دنت إلى الغروب إلى أن تغرب .
والدلالة على ذلك رواية الشافعي ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها ، وإذا استوت فارقها ، فإذا دنت للغروب قارنها ، فإذا غربت قارنها " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في هذه الأوقات .
[ ص: 273 ] وروى عامر بن عقبة الجهني أنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في ثلاثة أوقات وأن ندفن فيهن موتانا ، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين تقوم الظهيرة حتى تزول ، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب .
قال أبو عبيد قوله : حين تضيف مالت للمغيب ، وقد سمي الضيف ضيفا ، لأنه مال إليك ونزل عليك .
فإن قيل : فما معنى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في هذه الأوقات قيل : فيه تأويلان :
أحدهما : أن نهيه عن الصلاة بعد الصبح ليكون أقوى لهم على صلاة الضحى ، وبعد العصر ليكون أقوى لهم على صلاة الليل ، وعند نصف النهار لأجل القائلة والاستراحة .
والتأويل الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة فيها : لأنه عليه السلام كان يجلس فيها لمعالم دينهم وتلاوة الوحي عليهم ، فكانوا ينقطعون عن ذلك بالصلاة ، فنهاهم عنها وعند قيام الظهيرة لقوله صلى الله عليه وسلم : قيلوا فإن الشياطين لا تقيل .
والتأويل الثالث : إن المعنى فيه ما صرح به النبي صلى الله عليه وسلم من مقارنة الشيطان للشمس في هذه الأوقات .
فأما قوله صلى الله عليه وسلم ومعها قرن الشيطان ففيه تأويلان :
أحدهما : قرن الشيطان من الإنس الذين يعبدون الشمس في هذه الأوقات كالمجوس ، وغيرهم .
والثاني : جند الشيطان من الجن الذين يصرفهم في أعماله وينهضهم في مرضاته في هذه الأوقات .
والثالث : أن الشيطان يستقبل الشمس في هذه الأوقات فيبرز ببروزها ، وعند قيامها ، وعند غروبها ليظهر مكره ، ومكائده فيكون كل من يسجد لها سجدا له ، والقرن : عبارة عن الارتفاع .